بسم الله الرحمن الرحيم
سنة الفجر من أشد السنن توكيداً :
في موضوع الصلاة، وفي موضوع النوافل بالذات، جاء في مراقي الفلاح أنه قد سنَّ سنَّة مؤكدة، ركعتان قبل الفجر، بل إن هاتين الركعتين قبل الفجر من أشد السنن توكيداً، وليس من سنة أشد
توكيداً
منها، حتى إن الفقهاء يرون أنك إذا دخلت المسجد والإمام يصلي الفرض وتظنه يطيل في القراءة، يجب عليك أن تصلي ركعتين خفيفتين إتمامـــاً للفائدة التي نوه بها النبي صلى الله عليه وسلم،
ركعتان قبل الفجر وهي أقوى السنن، حتى روى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: "لو صلاها قاعداً من غير عذر لا يجوز، والمقصود ركعتا الفجر". نوع خاص من الصلة تنشأ بين العبد
والرب في الليل
((لا تَدَعُوهُمَا وَإِنْ طَرَدَتْكُمُ الْخَيْلُ ))
أي في كل الأوقات، في كل الأحوال، وفي كل الظـــروف، وفي الشدائد لا تدعوهما، وإن طردتكم الخيل، وقال عليه الصلاة والسلام:
((رَكْعَتَا الْفَجْرِخَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا))
[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]
هناك أخٌ قال لي: سبحان الله، صلاة الفجر في المسجد لها طعم لا أتذوقه في صلاة أخرى، قلت له: إن الله سبحانه وتعالى هكذا يقول:
﴿ إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحاً طَوِيلاً ﴾
ما ينشأ من صلة بين العبد وربه في الليل من نوع خاص، أشد وطئاً، أي أشد تأثيراً، وأقوم قيلاً، أي أصح علماً، أي قد يفتح الله سبحانه وتعالى على قلب المصلي معاني في كتاب الله لم تخطر
بباله.
الصلاة مدرسة :
بل إنك إن أردت أن تتعمق في الأمر فالصلاة مدرسة، وإذا تلوت قوله تعالى في صلاتك فربما فهمت من قوله تعالى معاني لا تجدها في أي كتاب:
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
[ سورة البقرة: 282]
﴿ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾
[سورة التغابن: 11 ]
إذاً رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، إذاً سنَّ سنَّةً مؤكدة، ركعتان قبل الفجر، وركعتان بعد الظهر، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، هذه من السنن المؤكدة، ومعنى المؤكدة أن النبي
صلى الله عليه وسلم صلاها في كل الأحوال، وأربع قبل الظهر أيضاً من السنن المؤكدة، وأربع قبل الجمعة، وأربع بعد الجمعة.
أنواع النفل و السنن المؤكدة و السنن المندوبة :
والآن النفل نوعان:
صلاة مؤكدة وصلاة مندوبة.
ومعنى مندوبة أن النبي عليه الصلاة والسلام رئي يصليها وفي أوقات لم يصلها، أما المؤكدة فكان يصليها دائماً.
والسنن المؤكدة هي :
1- ركعتان قبل الفجر
2- وركعتان بعد الظهر
3- وركعتان بعد المغرب
4- وركعتان بعد العشاء
5- وأربع قبل الظهر
6- وأربع قبل الجمعة، وأربع بعد الجمعة
فهذه السنن المؤكدة.
أما أربع ركعات قبل العصر فمن السنن المندوبة.
إي إذا كان الإنسان معه بحبوحة من الوقت، ومستريح جداً، ففي مثل هذه الأحوال يصلي أربع ركعات قبل العصر سنّة مندوبة، وأربع قبل العشاء أيضاً سنّة مندوبة وليست مؤكدة، وأربع بعده
عوضاً عن ركعتين، ركعتان مؤكدة، وأربع ركعات مندوبة، وست بعد المغرب، وقالوا: هذه صلاة الأوّابين، وهذه الركعات المؤكدة، والمندوبة، لكن من أشد السنن توكيداً ركعتي الفجر، لأنها
مؤكدة جداً لا ينبغي أن تصلى قاعداً إلا بعرف، وإذا تيقّنت أو ظننت أنك تصلي ركعتين، والإمام لا يزال في الركعة الأولى فصلِّ الركعتين والإمام يصلي، لشدة حرص النبي عليه الصلاة
والسلام، ولأنه لا ينطق عن الهوى.
((رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا ))
[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]
وإذا كان لدى إنسان فندق، ودخله اليومي مئة ألف صافٍ، فالنبي اللهم صلِّ عليه يقول:
(( رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَا فِيهَا ))
[مسلم عَنْ عَائِشَةَ]
وأحياناً تجد سوقاً بأكمله هذا لفلان، وإذا كان كل محل بمليون، فركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، لأن الدنيا تنقطع، والآخرة متصلة و هذا هو السبب، فالدنيا تنتهي بالموت، ولكن الصلة بالله
عز وجل، واكتساب الرحمات هذا زادك إلى قيام الساعة!
بالمناسبة لو صليت أربع ركعات نفل أي سنّة مؤكدة، أو غير مؤكدة فيجب أن تقرأ في الركعات الأربعة بعد الفاتحة، ولا ينبغي أن تقرأ دعاء الاستفتاح في الثالثة.
وندب ركعتين بعد الوضوء وقبل جفافه ، هذه مندوبات أقل من السنن.
لقول النبي عليه الصلاة والسلام:
((مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ))
[النسائي عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ]
حصل إقبال حقيقي أي حصل صفاء، وحصلت مغفرة، ووجبت الجنة.
والحمد لله رب العالمين